طارق بن زياد
طارق بن زياد قائد عسكري مسلم، قاد الفتح الإسلامي لشبة الجزيرة الأيبيرية خلال الفترة الممتدة بين عاميّ 711 و718م بأمر من موسى بن نصير والي أفريقية في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك. يُنسب إلى طارق بن زياد إنهاء حكم القوط الغربيين لهسبانيا. وإليه أيضًا يُنسب "جبل طارق" وهو الموضع الذي وطأه جيشه في بداية فتحة للأندلس. يُعتبرُ طارق بن زياد أحد أشهر القادة العسكريين في التاريخين الأيبيري والإسلامي على حدٍ سواء، وتُعدّ سيرته العسكريَّة من أنجح السير التاريخيَّة.
اختلف المؤرخون حول أصول طارق بن زياد، فمنهم من قال أنَّه عربي كابن خلكان، ومنهم من قال أنَّه بربري أمازيغي كابن عذاري، وآخرون قالوا أنَّه فارسي، لكن يغلب الظن أنه أمازيغي، وهو الشائع بين الناس.
كذلك اختلف المؤرخون حول نهاية هذا الرجل وكيف كانت، ومن المعروف أنَّه عاد إلى دمشق بصحبة موسى بن نصير بعد أن استدعاهما الخليفة الوليد بن عبد الملك، وقيل أنَّ سبب ذلك هو خلافٌ وقع بينهما واحتدّ، وفي جميع الأحوال فقد عُزل كلٌ منهما عن منصبه، وأمضى طارق بن زياد أواخر أيَّامه في دمشق إلى أن وافته المنيَّة سنة 720م.
ترك طارق بن زياد إرثًا كبيرًا بعد وفاته تمثَّل ببقاء شبه الجزيرة الأيبيريَّة تحت حكم المسلمين زهاء 8 قرون، وفي وقتٍ لاحق خلال القرن العشرين أُطلق اسمه على عدد من المواقع في البلدان الإسلاميَّة وبالأخص في المغرب العربي.
نشأته وبداياته العسكريَّة
يتَّفق أغلب المؤرخين المسلمين المعاصرين، من عرب وأمازيغ، وإسبان، أنَّ طارق بن زياد كان مولى موسى بن نصير والي أفريقية، وأنَّ الأخير عيَّنه أميرًا على برقة بعد مقتل زهير بن قيس البلوي في طبرق عام 76هـ. ولم يلبث طارق بن زياد طويلًا في هذا المنصب، إذ أنه سرعان ما اختير قائدًا لجيش موسى بن نصير، فأبلى بلاءً حسنًا في حروبه، وأظهر أنَّه فارسٌ شجاعٌ مقدام، وغازٍ بطَّاش. وظهرت لموسى بن نصير قدرة تابعه هذا في اقتحام المعارك، ومهارته في قيادة الجيش، فولَّاه على مقدمة جيوشه بالمغرب الأوسط، وهكذا أتيح لطارق بن زياد أن يتولَّى قيادة جيوش موسى، فسيطر الأمويّون على ما تبقى من حصون المغرب الأقصى حتى المحيط الأطلسي، وشارك طارق في إرساء الأمن بالمغرب حتى بلغ مدينة الحسيمة، قصبة بلاد المغرب، وأم مدائنها، فحاصرها حتى دخلها وأسلم أهلها. وبهذا تمَّ فتح شمال أفريقيا بكامله، وعُيِّن طارق بن زياد واليًا على طنجة مكافأةً له على إخلاصه للإسلام والخلافة.
ميراثه
يُعتبر طارق بن زياد أحد أشهر القادة العسكريين المُسلمين في التاريخ، ومن أهمهم على الإطلاق، وهو من أكثر الشخصيَّات الوطنيَّة إجلالًا في المغرب العربي، في كلٍ من الجزائر والمغرب بشكلٍ خاص، وعند العرب والأمازيغ على حدٍ سواء، وقد سُمِّيت باسمه الكثير من المواقع تكريمًا له وتخليدًا لذكراه، في البلدان الإسلاميَّة وخارجها. من هذه على سبيل المِثال أكاديميَّة طارق بن زياد في إنفر غروف هايتس، مينيسوتا، بالولايات المتحدة، وهي مدرسة ابتدائيَّة مدعومة من مؤسسة الإغاثة الإسلاميَّة الأمريكيَّة،
وقد دخلت في عدَّة قضايا قانونيَّة جدليَّة كونها خالفت مبدأ فصل الدين عن الدولة المعمول به في البلاد إلى أن أُغلقت سنة 2011م من قبل وزارة التعليم المينوسوتيَّة. وفي سنة 2012م أصدر البنك المركزي البريطاني لحكومة جبل طارق ورقة مالية تحمل صورة طارق بن زياد، والورقة الماليَّة هذه من فئة 5 جنيهات استرلينيَّة، ويظهر عليها طارق بن زياد يحمل سيفًا. لكن الإرث الأهم لطارق بن زياد يبقى المضيق الفاصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي الذي حمل اسمه منذ أن عبره وحتى الزمن الحالي.
![]() |
رسم لطارق بن زياد |